هل السياسة الخارجية حرفة؟ سؤال يعرف إجابته كل دبلوماسي ويدرسه كل المشتغلين بعلم العلاقات الدولية، والجميع يصلون لنفس الإجابة وهي أن رجل السياسة الخارجية هو بالفعل صاحب صنعة يقيم من خلالها، وفي أغلب الأوقات يكون رجل السياسة الخارجية المتميز رجل دولة ذا قيمة وقامة عاليتين، ولكن ليس العكس بالضرورة صحيحا، فرجل السياسة الخارجية ينطلق في الأساس من منطلقات وطنية، منبعها سياسة دولته الداخلية لتكييف شكل وطبيعة سياستها الخارجية، ولعل أبرز مثال على ذلك كان السياسي القدير «كليمنز لوثر فون مترنيخ» (Metternich)، الذي كان وزيرا لخارجية الإمبراطورية النمساوية - المجرية في 1809 ثم أصبح مستشارا (رئيسا للوزراء) خلال فترة وجيزة للغاية، وقد تناولته في بعض المقالات السابقة في نفس هذا الباب، فهو الرجل الذي كتب عليه أن يدير ثلاث معارك سياسية دولية كبيرة في حياته، انتصر في اثنتين منهما وخسر الأخيرة منها. فلقد كتب عليه أن يشيد التحالف تلو الآخر لمواجهة التوسعات الثورية لفرنسا التي أدت إلى هزيمة بلاده هزيمة ساحقة في ديسمبر (كانون الأول) 1805 في معركة «أوسترلتز» الشهيرة على أيدي نابليون بونابرت، وقد نجح الرجل في جمع الشمل الأوروبي بالتعاون مع نظيره البريطاني كاستلرى Castlereagh. أما معركته الثانية التي أحرز فيها نصرا غير مسبوق في تقديري، فكانت معركة صناعة السلام في أوروبا من خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في فيينا عام 1815 تحت رعايته السياسية، واستطاع خلاله أن يسيطر على مجريات الأمور ويعيد ترسيم أوروبا بعد الحرب، وخلق توازن جديد للقوى في القارة كفل لها السلام النسبي لمدة مائة عام تقريبا، ولكن مما لا شك فيه فإنه لم يستطع أن يغير مسار التاريخ، فلقد هزم ومعه فكره المحافظ هزيمة نكراء أثناء الربيع الأوروبي الذي اقتلع الفكر المحافظ من أجزاء كثيرة في القارة الأوروبية في 1848 وفتح المجال أمام المد الليبرالي بصفة عامة والمد الثوري في بعض المناسبات. إن المتأمل لصفات وقدرات «مترنيخ»، سيجد فيه رجل الدولة القوي الذي استطاع أن ينقذ بلاده بقوة، فلقد كان مدركا خطورة المد العسكري الفرنسي خاصة على بلاده، وبالتالي فإنه في الوقت الذي كان يسعى فيه لتكوين التحالف الجديد ضد فرنسا بالتعاون مع بريطانيا وبروسيا، فإنه آثر أيضا أن يلعب ببراعة لضمان تحالف يتقي من خلاله شر نابليون، فما كان منه إلا أن سعى لعقد قرانه على ماري لويز الابنة الكبرى للإمبراطور النمساوي فرانسيس الأول، وهو ما ضمن له السيطرة على السيف بيد والدبلوماسية بيد أخرى. ولعل دوره السياسي في إقامة التحالف الأخير ضد فرنسا كان محوريا، وكعادة السياسة الدولية، فإن نهاية الحرب تكون بداية التفاوض، وبالتالي حرص «مترنيخ» على أن تكون بلاده هي صاحبة الدعوة الكريمة لاستضافة كل قيادات أوروبا في هذا المحفل لوضع السياسية الجديدة للقارة وتنظيم العلاقات بين الدول الكبرى فيها، وقد سعى بشكل كبير لاستيعاب كل الأطراف للخروج باتفاق يمنح بلاده أغلبية ما كانت تسعى إليه، وذلك في الوقت الذي لم تكن فيه هذه الدولة صاحبة قيمة عسكرية موازية، ولكن براعة رجل في السياسة الخارجية جعلته يستطيع توحيد كل أوروبا على أهداف بلاده ويضمن رفض الفكر الثوري، من خلال صناعة تحالف دولي كبير ضد هذا التيار، من خلال مجموعات من القمم الدورية لمراجعة التدخل الأوروبي لضرب كل الثورات والفكر الليبرالي لسنوات تالية، ولم يشذ عن هذا النظام سوى بريطانيا لأسباب مرتبطة بتوجهاتها الخارجية الرافضة للارتباط الممتد بالقارة الأوروبية. من ناحية أخرى، استطاع مترنيخ، من خلال المفاوضات الجانبية والخوض في المفاوضات الوعرة، أن يصل إلى النتائج التي ابتغاها، فلقد وقى أوروبا حربا بدأت بالفعل بين روسيا وبروسيا أثناء المؤتمر، كما أنه استطاع أن يوحد الصف الأوروبي من خلال التعامل مع شخصيات مثل القيصر الروسي الإسكندر الثاني الذي كان مثالا للاختلال النفسي والاختلاف الفكري، خاصة عندما أصر على أن يطوع السياسة الأوروبية وفقا لمبادئ الديانة المسيحية، فما كان من «مترنيخ» إلا أن استوعب الرجل بقدرات فائقة من خلال إقناع الدول بالتوقيع على وثيقة «التحالف المقدس» وهو على قناعة تامة بأن الوثيقة لن تمثل أي قيمة سياسية ولكنها كانت ثمنا لضمان دخول المارد الروسي لتوافق الآراء، كذلك تلاحظ قدرة الرجل الفائقة على استخدام كل دولة لموازنة الدولة الأخرى، حتى إن أغلبية من المؤرخين أكدوا أن التوازن السياسي الذي صنعه الرجل استطاع أن يحفظ الأمن الأوروبي النسبي لقرابة مائة عام. إن القدرات الأساسية لمترنيخ كانت محل دراسات تاريخية موثقة، فالرجل كانت لديه متناقضات كثيرة، فلقد كان خجولا وجريئا في آن واحد، كما كان هادئا وحادا عندما دعت الحاجة، كان صريحا وقت الحاجة وكتوما في مناسبات كثيرة، ومما يذكره التاريخ أن الكثير من السفراء كانوا يهابون التعامل مع الرجل لقدراته الدبلوماسية الفائقة، فقدرته على الإقناع كانت فائقة، وقدرته على قيادة المجموعات السياسية كانت من أهم ما ميزته وجعلته بالفعل من أهم أمثلة الدبلوماسية على مر التاريخ، فالرجل كانت له قدرات كبيرة على التنسيق بين معتقداته الشخصية من ناحية ومتطلبات بلاده من ناحية أخرى، فضلا عن قدرته على تطويع النظام الإقليمي لخدمة أهداف بلاده من خلال الدبلوماسية متعددة الأطراف، والثابت تاريخيا أن الرجل لم يكن من الداعين للحرب، بل إنه صاحب مقولة شهيرة بأن «الإنسان لا يستطيع أن يغطي الأرض بالأنقاض دون دفن الإنسان تحتها»، فالحرب له تمثل أداة لتحقيق الهدف السياسي فقط، ومن ثم قوله المأثور «يجب أن نكون دائما حاملين للسيف في إحدى اليدين وغصن الزيتون في اليد الأخرى». أيا كانت رؤيتنا لمعتقدات مترنيخ السياسية، اتفقنا معها أم اختلفنا، ولكننا لا نستطيع أن نغفل أنه من أعظم الشخصيات التي أثرت في السياسة الأوروبية والدولية خلال فترة وجوده على المسرح السياسي، وقد استفسر بعض المؤرخين عن سبب عدم قدرة هذا الرجل على استشفاف مجرى التاريخ وأنه حتما كان سيخسر معركة كبت الفكر القومي وفرض الفكر المحافظ في قارة ذاقت نسيم الليبرالية، والإجابة عن هذا السؤال قد تكمن في أن هناك سياسيين لكل عصر، ولكنه لا يوجد عصر لكل السياسيين لأن هذا معناه ثبات التاريخ، فلقد انتهي عصر الفكر المحافظ في أوروبا ومعه خسفت شمس هذا الرجل لأنه لم يستطع أن يساير الزمن.
↧
من التاريخ : مترنيخ وصناعة السياسة والسلام
↧
تمام سلام عراب التسويات المقبلة تمام سلام عراب التسويات المقبلة

↧
↧
التسخين الكوري.. هل ينهي هدنة 60 عاما؟ التسخين الكوري.. هل ينهي هدنة 60 عاما؟

↧
قالوا
* «غيروا مساركم إن أردتم. ليس من شيم السيدات التراجع». * مارغريت ثاتشر التي تقام مراسم دفنها اليوم تخاطب المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في أكتوبر (تشرين الأول) 1980 * «طلبت من شريكة حياتي أن تشرفني بأن تصبح أرملتي». * ايان بانكس الروائي البريطاني، المصاب بالسرطان والمحتمل أن يتوفى خلال فترة قصيرة، طلب من صديقته الزواج به حتى تصبح أرملته في حالة الوفاة. * «خطاب لا طائل منه، لا يؤدي سوى إلى تصعيد التوتر». * جاي كارني المتحدث باسم الرئاسة الأميركية حول دعوات كوريا الشمالية المقيمين الأجانب في كوريا الجنوبية إلى التفكير في المغادرة * «استحالة استمرار الوضع الحالي وخطورته على كل الأطراف في المنطقة». * وزير الخارجية المصري محمد عمرو يبحث مع روبرت سري مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط التطورات الراهنة في ملف القضية الفلسطينية * «المشهد أعاد لي ذكريات أيام وجودي في العراق». * الكابتن الأميركي جيم اسيانتي حول تفجيرات بوسطن
↧
بطرس الكبير صانع روسيا الحديثة
لا خلاف على أن بطرس الكبير Peter the Great هو من أهم الشخصيات التي غيرت مجرى التاريخ الروسي، فهو القيصر الذي أدت إصلاحاته ورؤيته لتغيير التاريخ الروسي ووضع هذه الدولة على مسار الدول المتقدمة في العائلة الأوروبية، وخلف هذه الأسطورة شخصية متناقضة الطباع، شديدة الهوى، عنيفة المنحي وشديدة البأس، وهي الصفات التي شاركه فيها كثير من الزعامات الروسية عبر التاريخ التي قُدر لهذا الشعب أن يتعامل معها لقرون ممتدة. ولقد ورث بطرس الكبير حكم روسيا وهي في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية قاسية للغاية، فلقد سعى جدوده من قبله أن يوسعوا إقليم «موسكوفي» على حساب بولندا والسويد والقبائل التي تقطن أوكرانيا، وقد استطاع القادة الروس أن يطردوا التتار تدريجيا، وسعوا من أجل توسيع رقعة أراضيهم، ولكن روسيا لم تكن قوة عسكرية تُذكر كما أن اقتصادها كان بدائيا وهشا، فهي دولة كانت تعتمد على الزراعة في الأساس بينما كانت الصناعة مختفية تقريبا من الساحة الاقتصادية في البلاد، وقد نتج عن هذا التخلف الاقتصادي ظروف اجتماعية قاسية للغاية، فلقد استتب الفقر في البلاد ومعه جاء الجهل واللذان أنجبا حالة من العقم الفكري والاجتماعي حيث سيطر النبلاء أو «البويار Boyar» على الأراضي الزراعية ودخلت البلاد في نظام إقطاعي ليس ببعيد عن العبودية للمزارعين الذين أصبح أكثر من نصفهم مملوكين للإقطاعيين بسبب ارتفاع عبء الضرائب عليهم والاستدانة، ويلاحظ أيضا أن الكنيسة لعبت دورا هاما للغاية في الحفاظ على التقاليد المحافظة في البلاد وكانت عنصرا هاما في المعادلة السياسية تدفع نحو إبقاء الوضع على ما هو عليه. لقد ولد بطرس الأكبر من الزوجة الثانية لوالده القيصر «أليكسيس» الأول، وقد تم وضعه مع أخيه في حكم مشترك تحت وصاية أختهما الكبيرة «صوفيا» بعد وفاة أخيه الأكبر، ولم تكن أخته بلا مطامع سياسية مع عشيقها، وقد كان أخوه يعاني من أمراض عضوية كثيرة كما أنه كان يعاني أيضا من خلل عقلي وبالتالي كانت الأعين كلها متجهة نحو بطرس على اعتباره المستقبل السياسي الحقيقي لروسيا. لقد كان بطرس شخصية غير متوازنة لا جسديا ولا نفسيا، فلقد بلغ طوله أكثر من مترين وكانت تقاطيع وجهه تعكس صفات الخشونة، وكان يتحدث باعوجاج في فمه كما أنه كان يعاني من عدم اتساق يديه ورجليه مقارنة بجسده فكانت يداه صغيرتين للغاية مقارنة بجسده العملاق، أما شخصية هذا الرجل فقد كانت فريدة بعض الشيء في تاريخ القياصرة الروس، فلقد كان رجلا عنيفا، حاد المزاج، متقلب الهوى، ولم يكن قادرا على الجلوس إلا لدقائق معدودات يقوم بعدها بالتجول، وكان كثير العمل فلا ينام إلا القليل، ولم يعر الرجل في سلوكه أي اهتمام لتقاليد البلاط الملكي، فبعد فشل زواجه التقليدي تزوج خادمة من لاتفيا، وعلى غير عادة القياصرة فلم يحاول بطرس تعلم الرياضيات واللغات، ولكنه كان مولعا بأمرين هامين أثرا مباشرة على مستقبل روسيا وهما الفنون العسكرية والميكانيكية، كما أن فضوله دفعه لمحاولة فهم الأدوات والمعدات المختلفة وطريقة عملها، وهو ما ولد لديه حب التصنيع مما دفعه مستقبلا لمحاولة تحديث روسيا صناعيا، كما أن شغفه بالملاحة دفعه لبناء بحرية قوية وأسطولا تجاريا كبيرا. بدأ بطرس صراعه مع أخته «صوفيا» من خلال انقلاب في القصر بمساعدة رجال والده الذين رأوا فيه القائد الأقدر على إدارة البلاد والحفاظ على مصالحهم أمام أخته وعشيقها، فدان له حكم البلاد بعد أن نفى أخته عن العاصمة وقضى على طبقة «الاسترلتسي Streltsi» العسكرية والتي كانت تشبه الانكشارية في الدولة العثمانية أو المماليك في مصر بعد محاولتهم القضاء على حكمه، وقد كان بطرس يضمر لهم الشر منذ أن عايش إحدى ثوراتهم وهو صغير وألقوا الرعب في قلبه فقرر التخلص منهم من خلال الإعدامات الجماعية وبدرجة أقل غرف التعذيب، وتشير المصادر التاريخية إلى أن الرجل قام بقطع رقاب الكثير منهم بيديه على مرأى ومسمع من الجموع الغفيرة. وبالتخلص من هذه المجموعة دانت له البلاد ولكنه بدأ يواجه معارضة شديدة من الداخل، سواء من زوجته أو طبقة النبلاء وبالأخص الكنيسة ورجالها، فلقد كانت أطواره غريبة عليهم جميعا خاصة بعدما سافر في رحلة طويلة متنكرا إلى أوروبا قام خلالها بالعمل في موانئ روتردام بهولندا ليتعلم كيف يبني السفن، وقام بزيارة العلماء والمخترعين في الربوع الأوروبية، وعمل عاملا في إحدى المصانع الصغيرة، كما تعلم من البلاط الملكي في الدول التي زارها المراسم والأزياء الأوروبية الحديثة، فكانت محصلة الرحلة سعي الرجل لتحويل روسيا من دولة زراعية متخلفة إلى دولة صناعية كبرى أسوة بالدول الأوروبية الأخرى بما في ذلك تغيير العادات والتقاليد الروسية، وعند عودته بدأ يضع اللبنة الأولى من أجل تحقيق حلمه الكبير. كانت أولى خطوات بطرس هي وضع اللبنة الأولى للجيش الروسي الحديث وهو نفس ما فعله محمد علي فيما بعد، فبنى الرجل جيشا على الطراز الأوروبي الحديث واستقدم الخبراء العسكريين من سائر الأنحاء الأوروبية كما أدخل الصناعات العسكرية الحديثة للتخديم على مشروع الجيش الوليد، ونظرا لاهتمامه بأن يكون الجيش الروسي وطنيا فقد أدخل نظام التجنيد، وهو بذلك من أوائل الملوك في أوروبا الذين قاموا ببناء جيش وطني نظامي في ذلك الوقت بعيدا عن المرتزقة والفيالق مدفوعة الأجر، وهو ما ساهم أيضا في تغذية الروح الوطنية. كذلك اهتم بطرس بإقامة أسطول بحري قوي من خلال شراء السفن أو بنائها في الموانئ الروسي بمجرد أن استطاع الجيش فتح منافذ بحرية، وتشير التقديرات التاريخية إلى أن البحرية بلغت قرابة خمسين سفينة كبرى وأكثر من ثمانمائة سفينة صغيرة. أما في المجال الاقتصادي فقد أصر الرجل على تطوير البلاد صناعيا من خلال بناء المصانع الحديثة ونشرها في المدن الهامة بالبلاد، كما قام بالعمل على فتح مجالات أوسع للتجارة الخارجية كما سنرى من أجل تنشيط الاقتصاد الداخلي، وعلى الصعيد الاجتماعي قرر بطرس أن يُدخل تغييرات اجتماعية بقوة السلاح فأصر على أن يحلق للرجال لحاهم تشبثا بالغرب وعين حلاقا عند كل قرية ليجبر ذكورها على ذلك ومن اعترض منهم كان مصيره الضرب، كذلك أصر على تغيير الزي القومي في البلاد ليتواكب مع الغرب، فضلا عن إصراره على تحرير المرأة الروسية من خلال منحها الحقوق الأساسية وعلى رأسها الحق في الزواج بمن تختاره، وهي المتغيرات التي وضعته في معارضة شديدة مع تيارات الشعب المختلفة والتي بدأت تنظر له على اعتباره حليف الشيطان وعدو المسيح، وكانت الكنيسة تؤيد هذا التيار خاصة بعدما قرر عدم تعيين بطريرك جديد عام 1700 بعد وفاة الأخير، وأصر على أن تُحكم الكنيسة الروسية بمجمع من الأساقفة يرأسه أحد المعينين من طرفه كخطوة نحو تقليم أظافر الكنيسة. وهكذا بدأ بطرس الكبير يستعد من أجل جعل روسيا قوة أوروبية كبيرة ويضعها على خريطة الدول الكبرى في القارة من خلال سلسلة من المناورات السياسية والعسكرية كما سنرى.
↧
↧
مادورو.. الحارس الجديد لـ«الثورة البوليفارية» مادورو.. الحارس الجديد لـ«الثورة البوليفارية»

↧
من يطفئ نيران «الإنقاذ»؟ من يطفئ نيران «الإنقاذ»؟

↧
بطرس الكبير وبناء الدولة الروسية الحديثة
تابعنا في مقال الأسبوع الماضي نشأة القيصر بطرس الأكبر، وكيف أنه استطاع خلال السنوات الأولى من حكمه أن يبسط نفوذه على مقاليد الحكم، وكيف أنه بدأ يدخل الإصلاحات الجديدة لكي يضع روسيا على خريطة القوى الكبرى في القارة الأوروبية، وبمجرد أن بدأ يطمئن للظروف المحيطة به وتأمين جبهته الداخلية بنفي أخته، وسارع بإدخال الإصلاحات الإدارية في البلاد فقام بتقسيم روسيا إلى محافظات على رأس كل واحدة منها محافظ يتم تعيينه من موسكو ويساعده في إدارة المحافظة مجلس من النبلاء، كما قام بتنظيم الدواوين الداخلية بإقامة وزارات على نفس النمط الأوروبي ووضع عليها رجالا أكفاء لإدارتها. ولقد بدأ بطرس مشروعه الخارجي فكانت أولى العقبات التي واجهت الرجل حالة العزلة الجغرافية التي أحاطت ببلاده، فهي لم تمتلك موانئ بحرية يمكن أن تربطها بالعالم الخارجي، وهو ما أدى إلى عدم قدرتها على التواصل تجاريا أو ثقافيا مع أوروبا كما كان يهدف، فضلا عن أن الطرق البرية كانت وعرة وغير صالحة للاستخدام لمدة أشهر طويلة في السنة بسبب البرد القارس إضافة إلى أنها كانت تمر ببولندا والتي كانت في حالة عداء شبه مستمر مع روسيا، وتكالب كل هذه العوامل دفع بطرس الأكبر للاتجاه غربا لإيجاد المنفذ البحري على بحر البلطيق، تماما مثلما فعل بالاستيلاء على ميناء أزووف في البحر الأسود من الدولة العثمانية بهدف إيجاد منفذ بحري جنوبي يضمن طرق التجارة لبلاده. أما على الصعيد الدولي فلقد كانت روسيا تعاني من تعالي السويد والتي استطاعت خلال حكم الملك «جوستافوس أدلوفوس» أن تصبح القوة المهيمنة على شمال القارة الأوروبية بفضل جيشها القوى والذي لم يستطع أحد مواجهته خاصة أثناء «حرب الثلاثين عاما»، وبالتالي كان الصدام مع السويد أمرا حتميا حتى يمكن لبطرس أن يجد المنفذ البحري المطلوب، ولكنه لم يرد أن يكون وحيدا في هذا الصراع فعقد تحالفا مع الدنمارك وبولندا لمهاجمة السويد وكسر هذا المارد مستغلا حداثة سن الملك الشاب «شارل الثاني عشر» بعدما تولى مقاليد الحكم، ولكن على عكس كل التوقعات فإن الملك الشاب كان مولعا بالعلوم العسكرية وسرعان ما قام بتجهيز جيشه وقاد حملة عسكرية سريعة إلى الدنمارك فاحتل عاصمتها وفرض عليها صلحا مذلا، ثم استدار لمواجهة بطرس وجيشه والذي سعى بكل الوسائل للسلم معه وتفادي الحرب بعدما رأى هزيمة الدنمارك، ولكن الملك الشاب تجاهل كل شيء وقاد جيشه وهزم الجيش الروسي الوليد هزيمة ساحقة في معركة نارفا عام 1700 خسرت روسيا بسببها أراضي كثيرة ومعها كبرياءها، ومع ذلك لم يدخل اليأس قلب القصير الروسي إذ إنه سرعان ما بدأ يعيد بناء جيشه بشكل أكثر تنظيما متعلما من دروس الهزيمة، واعتمد في ذلك على المستشارين الأوروبيين لبناء الجيش الروسي الحديث حيث منحهم بطرس الأكبر تسهيلات كثيرة بما في ذلك الجنسية الروسية، وقام بتزويد هذا الجيش بالمعدات الحديثة التي بدأت صناعته تنتجها، واستطاع خلال فترة وجيزة أن يجمع جيشه فبدأ يستعد للجولة الثانية مع الجيش السويدي، وبالفعل اندلعت الحرب وأصر الملك السويدي أن يلقن بطرس درسا عسكريا جديدا، ولكن الرجل كان قد تعلم من هزيمته السابقة ولجأ لاستخدام سياسة الأرض المحروقة حيث أصر على استدراج الجيش السويدي إلى موسكو تدريجيا وتركه فريسة للثلوج والجوع حتى استطاع أن يرهقه ثم واجهه في معركة بوتافا الشهيرة حيث استطاع أن يهزم الجيش هزيمة نكراء، وتشير المصادر التاريخية إلى أن آلاف الجنود السويديين ماتوا بينما استسلم باقي الجيش، وهو ما دفع الملك شارل الثاني عشر للفرار واللجوء لبلاط الدولة العثمانية ليقيم تحالفا جديدا ضد بطرس، وقد استمر الملك في منفاه إلى أن عاد لبلاده مرة أخرى ولكنه لقي حتفه في معركة بالنرويج، وبهزيمته انكسرت شوكة السويد واضطرت للتصالح مع روسيا بشروط مذلة في اتفاقية «نيشتاد Nystad» حيث استولت الأخيرة على أراض كثيرة من دول البلطيق وهو ما منح روسيا أخيرا المنفذ البحري الذي كانت تطمع فيه ليفتح لها منفذا للتعاون مع أوروبا. أما على الصعيد الجنوبي فإن القصة كانت مختلفة تماما، فجهوده لفتح منفذ بحري جديد على حساب الدولة العثمانية باءت بالفشل حيث وجد نفسه محاصرا من القوات العثمانية بسبب اندفاعه العسكري وهو ما اضطره لتسليم ميناء أزوف بالبحر مقابل الهروب من الهزيمة المحققة. وهكذا استطاع بطرس الكبير أن يحقق لروسيا الكثير من خلال سياسته العسكرية والخارجية، وتشير الإحصائيات إلى أن الرجل استطاع أن يزيد رقعة بلاده من 2.1 مليون ميل مربع إلى 5.9 مليون وجعلها القوة الإقليمية المهيمنة في الشمال الأوروبي بدلا من السويد، وهو الموقع الذي لم تفقده روسيا حتى في أحلك الظروف السياسية. أما على الصعيد الداخلي، فلقد كان بطرس الكبير هو مؤسس روسيا الحديثة، فهو الذي اتخذ الخطوات الجريئة والقوية لوضع بلاده كقوة صناعية وليدة، كما أنه قاد الحملة القوية التي أدخلت روسيا ضمن القوى الأوروبية وفتح جسور العلم والتعليم في بلاده، كما أنه بنى عاصمته الجديدة في مدينة سان بطرسبورغ حيث أصر على أن تكون العاصمة الجديدة بعيدة عن القوى الروسية التقليدية وليسمح لنفسه بنسج فكر سياسي واجتماعي جديد في هذا المدينة بعيدا عن مراكز الجذب المحافظة التقليدية، ومع ذلك فإن القدر لم يمهله كثيرا حيث مات الرجل عن عمر لم يتخط الرابعة والخمسين، ولكنه ترك روسيا دولة مختلفة، دولة على أعتاب التقدم فاستطاعت خلال فترة وجيزة أن تصبح من أهم القوى الدولية. حقيقة الأمر أن الجدل حول بطرس يظل محتدما، وأغلبية الآراء رغم التحفظات التي أبدتها على وسائله إلا أنها ترى أن الرجل استطاع بالفعل أن يقود روسيا إلى عالم أفضل ما كان من السهل أن تصل إليه في ظل الظروف الاجتماعية والثقافية المتردية وحالة التخلف الحضاري والفكري والعلمي، فلقد استخدم الرجل سياسة الصدمات ولكن الثمن كان باهظا، كما أن طريقته كان قاسية للغاية، بل إن الثابت تاريخيا أن الرجل عذب ابنه عذابا شديدا لأنه كان يعتقد أنه يتآمر مع أمه ضده، وأيا كان حكم التاريخ على بطرس الكبير، إلا أن الثابت والذي لا مجال للشك فيه هو أن هذا الرجل كانت له رؤية سياسية وقدرة حقيقية على تنفيذها، مما جعله مؤسس روسيا الحديثة. * كاتب مصري
↧
ويليام ألكسندر.. الملك المقبل ويليام ألكسندر.. الملك المقبل

↧
↧
قالوا
* «ليست لطيفة». * رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يصف تصريحات وطلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخصوص إرجاء زيارته المقررة لقطاع غزة.. وقال أردوغان إنه سيتخذ القرار النهائي لتوقيت الزيارة بعد اجتماع مقرر مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن * «الاستقالة نهائية ولا رجعة عنها». * وزير التربية العراقي محمد علي تميم يقدم استقالته من الحكومة احتجاجا على مقتل وإصابة العشرات خلال اقتحام قوات الأمن ساحة اعتصام مناهض لرئيس الوزراء بمحافظة كركوك * «غزو ألماني». * زعيم حزب «حركة 5 نجوم» الإيطالي المعارض بيبي جريلو أمس الثلاثاء يقول إن بلاده تحتاج إلى احتلال ألماني يساعد في جعل الساسة أكثر أمانة وكفاءة * «أشكركم على دعمكم لي.. عليكم أن تقولوا للجميع إنني لست حرة». * ليو شيا زوجة المعارض الصيني السجين الحائز جائزة نوبل ليو شياوبو بعد أن سمحت لها السلطات الصينية بحضور محاكمة شقيقها المتهم بالاختلاس.. في رحلة نادرة خارج منزلها في بكين حيث تقضي عقوبة الإقامة جبرية * «نرى جميعا أن الأوضاع تسوء في سوريا.. ولا يمكننا تجاهل مخاطر العواقب الإقليمية المحتملة لذلك على أمن الحلف». * الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) آندريه فوغ راسموسن محذرا من عواقب محتملة للنزاع في سوريا على الشرق الأوسط بأكمله
↧
مصر وإيران.. علاقة مرتبكة مصر وإيران.. علاقة مرتبكة

↧
الفاتيكان والقوة الناعمة الفاتيكان والقوة الناعمة

↧
إنريكو ليتا.. هل يعيد «المرح» للإيطاليين؟ إنريكو ليتا.. هل يعيد «المرح» للإيطاليين؟

↧
↧
قالوا
* «أوروبا تعيش أزمة شرعية». * رئيس الحكومة الإيطالية انريكو ليتا أثناء عرض برنامج حكومته قال: إن الاتحاد الأوروبي يمر في أزمة وينبغي أن يبذل جهودا «ليصبح محركا للتنمية المستدامة»، معربا من جهة أخرى عن تأييده لقيام «أوروبا فيدرالية» * «إيران لم تتجاوز بعد الخط الأحمر الذي تحدثت عنه في الأمم المتحدة ولكنها تقترب منه بشكل منهجي». * رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تطوير إيران برنامجها النووي. وأضاف خلال جلسة كتلة الليكود البرلمانية: يتعين علينا ألا نسمح لإيران بتجاوز هذا الخط * «من دون تأخير ومن دون شروط». * الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوجه نداء جديدا ملحا إلى السلطات السورية للسماح لفريق من خبراء الأمم المتحدة بالتحقيق ميدانيا حول استخدام أسلحة كيماوية في النزاع السوري * «نعم، تلقى مكتب مستشار الأمن القومي دعما من الحكومة الأميركية.. ولكن على نطاق صغير». * الرئيس الأفغاني حميد كرزاي يؤكد أن مكتبه تلقى أموالا نقدية من الحكومة الأميركية لصالح «أغراض صحية ودفع إيجار المساكن» * «إسبانيا على حافة الانهيار العصبي». * بيدرو المودوفار المخرج الإسباني الشهير صاحب فيلم «النساء على حافة الانهيار العصبي» يعلق على تدهور الأوضاع في بلده بسبب الأزمة الاقتصادية
↧
تونس.. صراع الهوية تونس.. صراع الهوية

↧
معاوية رجل الدولة معاوية رجل الدولة

↧
سليم إدريس: اللواء الذي كسب ثقة الغرب سليم إدريس: اللواء الذي كسب ثقة الغرب

↧
↧
قالوا
* «لا بد من التزام إسرائيل بالوقف الكامل للبناء الاستيطاني في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية» * عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف يرد على تقارير تقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمر بتجميد بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية مؤقتا * «على الدول الأوروبية أن تفتح أبوابها للتونسيين» * حسين الجزيري الوزير المكلف بالهجرة والتونسيين بالخارج بالحكومة التونسية المؤقتة * «الولايات المتحدة تؤمن حقا بأن لنا مصالح مشتركة مهمة جدا في سوريا» * وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول النزاع في سوريا مؤكدا أن موسكو وواشنطن لهما مصالح مشتركة في ذلك البلد * «إسرائيل انتهكت أجواء لبنان للاعتداء على سوريا بهدف تأجيج الوضع المتأزم أصلا في المنطقة» * رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي * «التعديل سيأتي في وقته.. ولا أحد يتمتع بحماية في الحكومة» * الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتحدث للمرة الأولى بعد سنة على انتخابه عن «تعديل» وزاري، من دون أن يحدد موعدا لذلك
↧
3 سيناريوهات أمام الجزائر 3 سيناريوهات أمام الجزائر

↧
عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية عبد الملك بن مروان: المؤسس الثاني للدولة الأموية

↧